حديث المركبة
"أهداف وتوجيهات وأفكار"

   10/2/1425هـ

         بدر التميمي

عن ابن عباس _رضي الله عنهما_ قال: كان الفضل بن عباس رديف النبي _صلى الله عليه وسلم_ من عرفة، فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن، وجعل النبي _صلى الله عليه وسلم_ يصرف وجهه من خلفه، وجعل الفتى يلاحظ إليهن، فقال له النبي _صلى الله عليه وسلم_ : "ابن أخي، إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له" [رواه أحمد].

مقدمة:
في زحمة الأحداث المتتابعة والاستهداف الواضح لفئة الشباب من أقوام نذروا أنفسهم لإضلالهم وتنحيتهم عن طريق الهداية وإقحامهم في زوبعة الشهوات وجحيم الشبهات وقفت محاضن تربوية برجال صادقين يصدون الكيد ويفندون الأخطاء من خلال برامج تربوية واعية ومتواكبة مع تطلعات الشاب وطموحاته، ابتداءً بترسيخ العقيدة ومروراً بتهيئته لأن يعيش شاباً صالحاً ينفع أمته ومجتمعه فانتهاء بتعليمه مهارات الحياة التي يعيشها،وفي ظل ذلك كله يتذكر قول حبيبه _صلى الله عليه وسلم_:"الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم".

في زحمة الأحداث المتتابعة والاستهداف الواضح لفئة الشباب من أقوام نذروا أنفسهم لإضلالهم وتنحيتهم عن طريق الهداية وإقحامهم في زوبعة الشهوات وجحيم الشبهات وقفت محاضن تربوية برجال صادقين,يصدون الكيد..

وعندما نتأمل وبعمق في المؤثرات الإيجابية التي تلقاها الطالب من بداية توجهه إلى طريق الاستقامة نجد أن المحاضن التربوية كان لها الحظ الأوفر من الإصلاح والتنشئة على الاقتداء بهدي الرسول _صلى الله عليه وسلم_ والتربية على الأخلاق القويمة. ذلك أن هذه المحاضن تتسم بكثرة المجالسة والمخالطة الذي كان له أكبر الأثر في التأثير غير المباشر على شخصية الطالب مما يدفعه إلى الاقتداء بالمربي في أغلب تصرفاته وأقواله، ومما يؤسف ـ وإن كان قليلاً ـ أن بعض المربين ينسى أنه بتصرفاته الخاطئة، سواء في البرامج العامة أو حتى في الأحاديث العفوية أو أثناء مرافقة الطالب له بسيارته يسيء إلى المنظومة التربوية التي يعيش داخلها مما يشغل المربين الآخرين في تعديل الخطأ أو على الأقل تبرير الموقف!
(لهذا الأمر وغيره يتبين لنا أهمية أن تكون برامجنا واضحة ومدروسة لئلا يتضح لنا بعد مدة عوار ما نقوم به من زلات وهفوات يكون ضحيتها طالب تلقف كل ما جاءه على أنه الصواب الذي لا شك فيه).

وما سنراه في هذه الوريقات البسيطة إنما هو نتاج خبرة إخوان لكم أحبوا أن يضيفوا على الحقل التربوي الأخضر وردة بيضاء تعطر المكان وتبعث الأمل من أجل أن يتخرج جيل يعرف واجباته وينفع أمته.
ومحتوى هذه الوريقات يمثل "مقترحات عملية لبرنامج مرور المربين لطلابهم مدعوماً بضوابط وإرشادات وملاحظات" كبداية لنشجع أنفسنا على العمل المنظم المدروس الذي يعود على المحاضن بالنفع والفائدة.
ومما ينبغي لنا دائماً في أعمالنا أن يكون لنا سند من سنة فعلها حبيبنا _صلى الله عليه وسلم_ أو خبرة نفذت في مكان ما لا تعارض منهجاً شرعياً ثابتاً لتنال الأجر والمثوبة، وتحظى بالقبول والتطبيق بين أوساط المربين المخلصين.

ماذا نقصد بـ"حديث المركبة"؟
هو البرنامج الذي يدار بين المربي والطلاب أثناء مرور المربي لهم بسيارته من منازلهم إلى المحضن وبالعكس.
ويختلف وقت المرور من محضن لآخر، فالمكتبات يكون فيها المرور شبه يومي، وذلك لكثرة البرامج المطروحة يومياً، أما الحلقات فيتركز المرور في الرحلات والبرامج البعيدة عن المسجد؛ لأن أغلب الطلاب قريبون من المسجد، وقد يناسب هذا البرنامج كثيراً من الأسر في سفرهم أو زياراتهم.


من القائد؟
يجب أن تتوافر في الشخص الذي يتعهد مجموعة من الطلاب عدة صفات:
1. أن يكون أميناً حريصاً مواظباً على الحضور.
2. أن يأمنه مشرف المحضن من النواحي الشرعية والأخلاقية والأمنية.
3. أن يكون لديه خلفية ولو بسيطة عن فن التعامل مع الآخرين، سواء الطلاب أو أولياء أمورهم.
4. أن يكبر الطلاب الذين معه سناً وعلماً وفهماً.
5. أن يكون قادرا على قيادة السيارة بشكل جيد متبعاً للأنظمة.

أهداف المرور:
1. اختصار الوقت وضبط الحضور في وقت محدد للجميع.
2. طرح الموضوعات الخاصة، والتي لا يناسب طرحها أمام المجموعة كاملة.
3. التأكيد على ما يطرح في الحلقة وتحقيق مبدأ الفروق الفردية.
4. التعرف على بيئة الطالب وتوطيد العلاقة مع ولي أمره.
5. تقوية الروابط الأخوية بين الطلاب أنفسهم.
6. متابعة المربي لنشاط الطالب في المحضن والمدرسة والمنزل.


توجيهات تربوية لقائد المركبة:

قضايا مهمة:
1. كن (وقفاً) لله، فعندما يكون من مهامك الإشراف على الطلاب ومرورهم، لماذا لا تستحضر النية الصادقة وتخلص هذا العمل لله، وتحتسب النفقة في السيارة لتنال الأجر والمثوبة؟
2. عندما تكون في محضن تربوي فلا يبتعد عن هاجسك بأن ما تعيشه مع الطلاب أثناء قيادتك للسيارة إنما هو جزء من النسيج التربوي الذي يتلقونه من المحضن كله، وهذا يعني أن المكوث في المركبة ليس للقيادة فقط، وإنما هو إكمال لمشروع التربية والتزكية، وليكن شعارك على الدوام "أنا مربٍ ولست بسائق".
3. لعل من مستلزمات العمل المنظم أن يكون هناك نوع من التريث والتنظيم مع مشرف المحضن في إيصال الطلاب إلى بيوتهم أو إلى أي برنامج آخر.
4. مما يجدر التنبيه عليه أن يهتم المربي بسيارته فيكون سمتها مطابقاً لسمته الذي من المفترض أن يكون عليه، فالاعتدال في نظافتها وبمظهرها مطلوب.

5. أيها الكريم أنت لا تمثل نفسك فحسب، وإنما تمثل شريحة المستقيمين كلهم أمام المجتمع فاحرص على الظهور دائماً بأبهى حلة من الأخلاق في تعاملك مع الآخرين، ولا نجد داعياً لـ(السرعة الجنونية،قطع الإشارة،التشاجر، و.....)
6. قد تواجه الطالب صعوبات من جهة ولي أمر الطالب من ناحية رفضه لذهاب ابنه لبرنامج أو رحلة، ومن هنا تكمن أهمية تقوية الأواصر والعلاقة مع أولياء الأمور والدخول معهم ومصارحتهم في أمر ابنهم حتى يثقوا بك ويكونوا عوناً لك، وحين تجد الأبواب مغلقة فلا تتردد في إخبار مشرف المحضن ليتخذ اللازم ويبصرك في الأمر.
7. قد يُظهر أحدهم اهتماماً بشريط قرآن أو محاضرة لديك أو حتى أحد الكتب الخاصة بك، فمن المناسب عند ذلك إهداء نسخة له، ولا شك أن ذلك يدل على اهتمامك به وتحسسك لمشاعره.

ليكن في الحسبان:
1. مشاورة طلابك.
2. اعترف بخطئك إذا أخطأت.
3. مراعاة النفسيات (برنامج السيارة لا بد أن يكون أكثر مرونة من غيره).

4. الاتصاف (بحسن التعامل).
5. اكسب من حولك، ولكن برضا الله _سبحانه وتعالى_.
6. كن على مشورة بأخيك الأكبر منك سناً وخبرة عن أوضاع من معك إما بطرح مشاكل أو غير ذلك.
7. لا تتساهل بصغائر الأخطاء، فمنها معظم العطب،ولكن عالجها بالحكمة والرفق.
8. التأني في التربية وعدم العجلة رأس مال الرابحين.
9. التعلق بالحق لا بالأفراد.
10. لا تستنسخ من طلابك نسخاً منك، فكل ميسر لما خلق له.
11. الهدية لها أثر كبير وملموس، فمن المناسب أن يكون لك بين وقت وآخر هدايا تهديها لإخوانك مهما صغرت، ولتحرص أن تكون خاصة ومميزة عن غيرها.
12. احذر النقد اللاذع خصوصاً لمن هم في المرحلة الثانوية.
13. اجتنب المنة. قال _تعالى_: "ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى".

أخطاء يقع فيها بعض قادة المركبات:
1. توجيه الأسئلة الدقيقة والتي تمس خصوصيات الطالب .
2. طلب الخدمة من الأهل في أمور شخصية.

3. عدم الاهتمام بالمواقف الطارئة والتعليق عليها.
4. عدم الإنكار لبعض المنكرات التي يسوغ لك إنكارها (الصلاة لأصحاب المحلات).
5. الذهاب لأي مكان دون ضابط أو لأماكن يرتادها شرائح مختلفة، وعدم الذهاب لها فيه "تربية على التميز".
6. كثرة مرور الشاب خارج وقت البرامج.
7. عدم العدل في الاهتمام بالطلاب داخل السيارة.
8. إغفال الواقع الذي نعيشه (مآسي المسلمين وأخبارهم).
9. عدم إعطاء فرصة للطلاب للتحدث.
10. الروتين في البرنامج والاستمرار في نفس الطرح.
11. التشجيع المفرط للطلاب (الاتزان مطلوب).
12. الاهتمام في "الإخراج الفني" للوسائل الدعوية دون المضمون (الأناشيد،الكتب،اللوحات...)

مقترحات عملية لتفعيل "حديث المركبة":
يشتكي بعض المربين من عدم وجود أفكار بإمكانها أن تنعش هذا البرنامج فيصبح برنامجاً رتيباً ومملاً فيصاب الجميع بالجمود.
ولكن المربي الناجح هو الذي لا تحده الحدود ولا تقف أمامه السدود في الابتكار والاستفادة من أي وسيلة بإمكانها أن تفيد طلابه وتنعش سيارته.

ومن الأفكار والمقترحات :
1. الاستفادة من الشريط والكتيب الإسلاميين، وذلك إما بالسماع والقراءة أو ترتيب برنامج بين المجموعة (مجموعة السيارة) ليطرح هذا البرنامج بشكل جميل ومفيد.
2. الزيارات فيها مجال واسع للاستفادة وتعليق الطلاب بالقراءة والاطلاع الدائم، فحبذا لو كان هناك زيارة بين الفينة والأخرى لأحد التسجيلات التي تخدمك من ناحية سعة المكان وجودة الإصدارات، أو المكتبات الكبيرة.
3. تفعيل الاستضافات الخاصة كزيارة شيخ فاضل، أو طالب علم، أو حضور درس لأحد المشائخ، أو محاضرة مناسبة لهم، أو حتى زيارة مكتب الدعوة والتعاون معه وغيرها كثير.
4. انتقاء كتاب ويتم تجزئته بحيث يقرأ على مدار فصل دراسي أو على مدى مجموعة مذاكرة أو عطلة صيفية، وتبتكر طريقة لعرض الكتاب تكون مناسبة للجميع.
5. التعاون على القيام ببعض العبادات كالصلاة (الفجر ،صلاة الجمعة)، والصوم المستحب، والتفطير في رمضان، والاعتكاف، وتتبع المحتاجين والفقراء.

6. إخراج فكرة دعوية عن طريق السيارة وتوزع على جميع طلاب المكتبة والحلقة، كمطوية، أو مجلة صوتية، أو درس قيم، أو تلخيص شريط، وغيرها الكثير.
7. ابتكار برنامج (منوع) وخفيف في السيارة، ويكون له جدول واضح، وهذا من شأنه أن يشعل الهمم ويعين على المواظبة في الحضور.
وهذا مثال بسيط على برنامج وضع في مدة المرور لمجموعة المذاكرة بين ثلاثة أشخاص:


وعندما تطلق العنان لخيال طلابك الأحبة سيأتوا بما لا يخطر على البال، ولا تنس أهمية إشراكهم في تنفيذ وإعداد البرنامج حتى يكون دافعاً لهم للمشاركة الفاعلة وتقديمه بشكل جيد، وفيه أيضاً تعويد لهم على وضع الخطط والبرامج الذاتية لأنفسهم، (مع الأخذ بالاعتبار أن حديث المركبة يجب أن يكون أكثر مرونة وأريحية وعفوية من أي برنامج آخر،ولكن هذا المقترح هو من باب التغيير وكسر الروتين).

8. من الجميل أن تضع في الجيوب الخلفية للمرتبة بعض الكتب أو المجلات المناسبة، فقد تضطر يوماً للانشغال عن طلابك بمكالمة طويلة، أو قضاء أمر في مكتبة، أو محل فيكون هناك فرصة لأن يطلعوا عليها.
9. إليك أيها الأخ الفاضل باقة من الأفكار التي يمكن الاستفادة منها داخل المركبة:
• برنامج التحدث باللغة العربية.
• برنامج "نريد حلاً".
• مناقشة قضية (داخل أو خارج الحلقة).
• مشاغبات ذهنية (ألغاز عقلية).
• الزيارات الهادفة (مغسلة الموتى - المقابر – المستشفيات ...)
• الصيام والعبادات عموماً.
• برنامج فنون التعامل (الوالدان – الأطفال – الزملاء – المعلمين ....)
• استضافة في السيارة.
• شعارات أسبوعية داخل السيارة.
• يوم مفتوح.
• ضيافة منزلية.
• إهداءات.
• قصص وخواطر.
• سماع إذاعة القرآن الكريم.
• اعرف فائدة ما تأكل "خضار أو فواكه مع التطبيق العملي".
• تطبيق سنة مهجورة.
• تراجم أعلام (سير أعلام النبلاء).

• صحفي السيارة "حسن قطامش".
• سلسة الطريق إلى الصواب (كيف تخسر صديقاً؟).
• الدورات السماعية "أشرطة مهارية يتم سماعها في السيارة".
• فائدة مدرسية "من المدرسة".
• بطاقات الطوارئ "كل شخص يجعل معه بطاقة فيها فوائد يتم استخدامها عند حدوث أي خلل في البرنامج".
• مواقف وعبر "آية وتعليق ...".
• شفاء العي السؤال "فتاوى".
• فوائد تخصصية "كل مشرف يحضر فائدة من تخصصه الذي يدرس فيه".
• تأملات في المحيط الخارجي "تفكر في بعض آيات الله _تعالى_".
• هكذا علمتني الحياة.
• برنامج حول "الرجولة أو المروءة".
• تطبيق حديث أبي بكر _رضي الله عنه_. (صوم ـ صلاة جنازة ـ صدقة ـ عيادة مريض)
• جديد الساحة "كتب – أشرطة – أخبار ..."
• مراجعة درس علمي سابق.
• رسائل من محب "رسائل تصدرها السيارة إلى المقصرين وغيرهم"
• برنامج "كيف التزمت؟".
• قرأت لكم – سمعت لكم.
• مسرحية كلامية هادفة.
• "أجمل برنامج" كل طالب يطرح برنامجه ويتم اختيار الأفضل.


وفي آخر المطاف نسأل الله _سبحانه وتعالى_ أن يبارك في هذا الجهد البسيط، وتذكر أخي الكريم أنك متى ما صدقت مع الله في تربية هؤلاء الطلاب الذين بين يديك فإن الله _سبحانه_ سوف ييسر على يديك ما تقر به عينك من الخير لهم.
وما كان من صواب فمن الله وحده وماكان من خطأ فمن أنفسنا والشيطان..
والله أعلم، وصلى الله على المربي الأول نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المسلم

 

المفكرة الدعوية

www.dawahmemo.com